لن تعبر المحيط، ما لم تتحلى بالشجاعة لكي تترك الشاطئ يغيب عن ناظريك
- كريستوفر كولومبس-
أنت الآن قد وضعت "القطار على السكة"، حددت وجهتك بوضوح، ربطت أمتعتك، وبدأت في شق غمار الرحلة، لهذا أول وصية يوصيك بها الخبراء هي كالتالي: إذا وجدت طريقا سهلا، من غير مصاعب وعقبات، فهو في الغالب لا يؤدي إلى شيء، لأن من طبيعة الحياة أنها لا تعطيك كثيرا، إلا إذا قدمت كثيرا، فلابد للشهد من نحل يمنعه، ومن لا يقتحم العقبات، ويصعد الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر على حد تعبير الشابي.
روى أصحاب الأخبار، والتفاسير عن أبي عمران قال: غزونا القسطنطينية، فأَخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة.
فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، إنما نزلت فينا نحن الأنصار؛ لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد عليه ما قلنا، فكانت التهلكة في الإقامة على الأموال وإصلاحها وتَركِنا الغزو.
الهلاك إذن ليس في الإقدام والمخاطرة، وإنما في القعود عن ذلك، والرغبة في حياة الدعة والسكون، لذلك فأعظم مخاطرة في الحياة هي عدم المخاطرة، فمن لا يخاطر، لا يفعل شيئا، لايملك شيئا، ليس شيئا، ويصبح لا شيئ، كما يقول الدكتور نورمان فينسنت . فإذا كنت تخشى من الانتقادات، من الاعتراضات، من الفشل، فلا تفعل شيئا، لا تقل شيئا، وكن لاشيء.
فإذا عبرت ضفة الخوف والتردد، والعجز والكسل، فاقتدِ بالقائد العظيم طارق بن زياد ، وأحرق كل سفن التراجع؛ عليك أن تيأس من النظر إلى الوراء، واحفظ وصية الرسول الأكرم، للإمام علي: امش، ولا تلتفت، حتى يفتح الله عليك، وفي التنزيل:"ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون" نُهوا عن الالتفات حتى يَجِدُّوا في السير، ولا يتأخر منهم أحد، فخير الأعمال أدومها وإن قل، كما في الحديث الآخر، أو كما يقول كونفوشيوس: لايهم بطؤك في السير، طالما أنك لم تتوقف عن المسير.
وعليك فوق هذا بالتقدم، والحذر من التوقف، لأنك قد تكون عرضة لأن يدهسك من وراءك، لذلك لا تضيع وقتك في البحث عن الطريق السالك، بل احفره في الصخر بنفسك، وتذكر كيف أن القائد محمد الفاتح أجرى السفن على اليابسة، وضرب بذلك كل الاعتقادات والمسَلَّمات السابقة بأن السفينة لا تجري على اليبس.
فاضرب الحديد إذا كان ساخنا، وإن لم يكن كذلك، فلا تنتظره حتى يسخن كي تطرقه، بل اضرب عليه قليلا قليلا حتى يسخن، ثم بعد ذلك اصنع منه ماتشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات.
كل الناجحين الذين سألتهم، قالوا لي نفس الكلام: ليس هناك أسرار لبلوغ النجاح والتفوق في الحياة، كل ما هنالك هو الرغبة المشتعلة مع التخطيط المحكم، والتصميم مع ركوب المخاطر، من أجل تأويل الأحلام، وتحويلها إلى حقائق تمشي على الأرض، كما في قصة النبي يوسف"هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا".
[right][/size]