عدد المساهمات : 43 تاريخ التسجيل : 13/04/2011 العمر : 48 الموقع : chtaiba_jamal.maktoobblog.com
موضوع: البحث العلمي مفتاح التقدم والرقي الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 20:32
[font=Arial Black]يعتبر البحث العلمي من أهم القطاعات التي ركزت عليها الأمم في نهوضها وتقدمها، ولعل التجربة اليابانية من أهم التجارب الإنسانية في هذا المجال، والتجربة كانت بسيطة وعميقة في الآن نفسه، كانت البعثة اليابانية إلى أوروبا مثلها مثل معظم البعثات العربية وغير العربية في ذلك الوقت، لكن البعثة اليابانية كانت متميزة، ليس لأن الإنسان الياباني أحسن من غيره، ولا أذكى من غيره، ولكن لأنه طرح أسئلة جوهرية على كل طالب علم أن يطرحها؛ أي تخصص علمي باستطاعتي أن أتقنه؟ وأي تخصص تحتاجه أمتي؟ وماذا أريد من هذا البحث في هذا التخصص؟ إنه تحديد الهدف بدقة، وتحديد-على إثره- القدرات الشخصية، والاحتياجات الوطنية والقومية الإستراتيجية، فليس الهدف هو الشهادات والألقاب، والنياشين والأوسمة، الهدف أكبر من ذلك بكثير، وأعمق من ذلك بكثير، وفي نفس الوقت أيسر وأنفع وأجدى؛ بحيث يكون هناك اقتصاد في الموارد والطاقات والوقت . يتحدث طاكيو أوساهيرا(عضو بعثة يابانية إلى ألمانيا) فيقول بأن أساتذته كانوا يريدون منه أن يحصل على شهادة عليا ليعود إلى اليابان ليصبح أستاذا جامعيا هناك، والعرض مغري، لكن الطالب لم يفعل ذلك بل اتبع السبيل الأصعب، اتبع المنهج الأصوب، طرح سؤالا واحدا، ماهو سر تقدم أوربا في المجال الصناعي؟ ووجد الجواب، وهو أن ذلك راجع إلى اختراعها للمحرك\"الموتور\" فقرر قرارا صعبا وهو اكتشاف سر هذا المحرك، فكانت النتيجة ثمان سنوات من العمل الشاق الدؤوب المتواصل، وكانت ثمرة ذلك اختراع أول محرك ياباني، والحقيقة أنه لم يكن محركا آليا للسيارات، والصناعات فقط، وإنما كان محركا اجتماعيا للأمة اليابانية ككل، وصدق عليه قول القائل: همة تحيي أمة، فقد يحيي رجل واحد أمة بحالها. والتجارب الناجحة في تاريخنا الإسلامي كثيرة، بدءا من التجربة النبوية التي أحيى الله بها الأمة العربية وغيرها من الأمم، فقد صنع الرسول صلى الله عليه وسلم عباقرة عظاما وقادة كبارا، استطاعوا أن يواصلوا المشوار، و من معين القرآن والسنة اغترف المجددون في تاريخ أمتنا، في كل المجالات والتخصصات، فكان الخليل بن أحمد مبدعا في مجاله، وكان الشافعي عبقريا في تخصصه، ومثلهم كان ابن خلدون، كما كان عمر بن عبد العزيز و صلاح الدين الأيوبي، وفي العصر الحاضر كان المختار السوسي و الكواكبي ومالك بن نبي، وحسن البنا وغيرهم كثير، وكلهم رجال عرفوا مكان الداء وشخصوا له الدواء، بكل دقة ومهارة وحِرَفِية. وفي كل هذا وقبله ومعه وبعده، يجب ألا يغيب عن بالنا أثر الفكرة الدينية في تطور وازدهار الحضارات، فكل من يعمل عملا يريد أن ينالا جزاء وثناء عليه، خصوصا إذا كان عمله هذا عملا مضنيا متعبا، وطاكيو أوساهيرا قال: إن سبب تعبه الطويل ذاك كان لأنه من ديانة تقدس العمل، وترى العمل عبادة!! . ويحق لنا هنا أن نتأسف ونتألم عندما نجد أمة تعتبر العمل عبادة ورغم ذلك نجدها في ذيل الأمم، مما يعني أن هناك سوء فهم لهذا الدين العظيم، بل ربما كان فهما مقلوبا رأس على عقب؛ القرآن الكريم عندما أنزل حسب الفهم المقلوب عند الكثير منا كان يجب أن يركز على الأمر بالعبادات والنهي عن المحرمات، لكن العلماء يفاجئوننا بإحصائية مزلزلة تقول بأن عدد آيات الأمر والنهي في القرآن الكريم لا تتجاوز مائة وخمسين آية فقط من أصل أكثر من ستة آلاف آية بين دفتي المصحف الشريف؛ آيات كثيرة جدا تأمر بالتعلم والتفكر والتدبر والتعقل والفهم والفقه، والسير في الأرض، والنظر والاعتبار في كل ما خلق الله مما يرى ويبصر أو مما لا يرى ولا يبصر، بدءا من سورة القراءة والكتابة:\"إقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرا وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم\" مرورا بسور البحث العلمي الكثيرة (الروم والأنعام و النحل والنمل والرعد والرحمان..) سور تحث على البحث في كل التخصصات من ظواهر نفسية واجتماعية وطبيعية وفلكية وغيرها، فالمتأمل للقرآن الكريم يجد نفسه مرة يغوص في أعماق النفس الإنسانية، وأخرى في قاع البحار والمحيطات، ومرة يجد نفسه باحثا في علوم الاجتماع البشري وأخرى في علوم الاجتماع الفلكي، وأعطي مثالا على ذلك بآية حيرت الدارسين لزمن طويل وهي قوله تعالى:\"إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب\" ، والآية على وجازتها تضمنت علم نفس وعلم اجتماع وعلم فلك، وماشاء الله من العلوم، فالفلك له قانون معين، وكذلك النفس البشرية والمجتمع بصفة عامة، فلن تستطيع الاستفادة من الفلك مالم تعرف قوانينه المنظمة له، وكذلك مجالي علم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم، يجب اكتشاف أسرار هذه التخصصات، كما اكتشف طاكيو أوساهيرا أسرار المحرك، يجب أن تكون هناك بحوث متخصصة عميقة ورصينة في قضايا مفصلية، تغنينا عن كثرة الكلام السطحي، والانطباعي، وغير المنهجي . وللأسف الشديد فمن غير المسلمين تجد من ألف كتابا واحدا أو كتابين ولكنه زلزل العالم، وأحدث انقلابا في الفكر والعلم والثقافة في العالم بأسره، ويكفي أن نعطي مثالا على ذلك بكارل ماركس أو داروين ، بينما لا تكاد تجد في عالمنا الإسلامي دراسات وأبحاث تستطيع أن تحدث مثل هذا التأثير، ويكون لها مثل هذا الصدى في العالم، فأكثر بحوثنا سطحية و غير ناضجة بما فيه الكفاية؛ لا نصبر بالمستوى المطلوب من أجل إنجاز أعمال عميقة ورصينة ومكتملة النضج، أعمال تستحق أن تعرض على الله ورسوله والصالحين من عباده، قال الله تعالى:"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون" ، فعمل سيراه الله سبحانه يجب أن يكون في قمة الإتقان، وعمل سيراه الرسول صلى الله عليه وسلم من المفروض أن يكون في غاية الاكتمال، ف"إن الله كتب الإحسان على كل شيء" و"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، "وإن الله يحب المحسنين"
abou_imane Admin
عدد المساهمات : 188 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 44
موضوع: رد: البحث العلمي مفتاح التقدم والرقي الأحد 11 سبتمبر 2011 - 11:01
جزاكم الله خيرا على المجهود الطيب وهذه المساهمة المباركة