تقرير: ديما عايدية
إبداع وصمود وتحدي رغم آهات الأسر ومرارة الفراق، حرية في وطأة السجان وإرادة تكسر القيود، لمسات إبداعية للأسيرات في سجون الاحتلال تبدد ظلم السجون، أشغال يدوية تحطم زنازين الغطرسة، شعاع من نور وأمل في أعمال فنية تحيكها أيادي مكبلة بالقيود.
كسر القيد بالريشة والألوان
لم تأسر القيود يد الأسيرة إيرينا سراحنة عن ممارسة هوايتها في الرسم، حيث ترسم شوقها و حنينها لرؤية ابنتها في لوحة فنية بهية تهديها لابنتها الصغيرة من داخل زنزانتها، إيرينا بولي شوك سراحنة و التي أسلمت و تزوجت من المواطن الفلسطينيإبراهيم سراحنة، وتعيش معه فيمخيم الدهيشهقضاء بيت لحم، واعتقلت بتاريخ 23/5/2002 ،وحكم عليهاالاحتلال بالسجن لمدة 20 عاماًبتهمة مساعدة زوجها في نقل الاستشهادي "عيسى بدير" لتنفيذ عملية استشهادية تجد حريتها بين الريشة واللوحة وتمارس هوايتها المفضلة في الرسم رغم مرارة الأسر.
تشاركها نفس الهواية الأسيرة ورود قاسم من بلدةالطيرة (22 عامًا) والمتهمة بالاشتراك في نقل عبوة ناسفة من الضفة الغربية إلى داخلالأراضي المحتلة عام 48 حُكم عليها بالسجن 6 سنوات، ترسل أشواقها لعائلتها عن طريق الرسم، وقد اعتادت على إرسال الرسائل على طريقتها الخاصة في لوح فنية بهية الألوان.
جدار الزنزانة يتحول للوحة فنية
الأسيرة المحررة والرسامة أريج عرقاوي، التي اعتقلت عام 2003 إلى 2007 وهي في سنتهاالجامعية الثالثة في كلية الفنون بجامعةالنجاحعاشت ظروف أسر قاسية مع زميلاتها الأسيرات،وسوء معاملة من قبل السجان، لمعت في رأسها فكرة، لماذالا تحول الجدران في السجن للوحات تدب فيها الحياة وترسم الأمل للأسيرات؟.
وبالفعل شرعت أريجبرسم 30 لوحة جدارية على جدران السجن وغرفه، مستخدمة ما يتوفر لديها من مواد،كـ"رماد" السجائر وبهارات الطعام.
رسمت حدائق وبساتين، وطيور، وموسم قطف الزيتون،والبحر، ووجوه أطفال، وبيوتاً وشوارع، وغير ذلك، فبدا السجن كأنه معرض فني فكلما نظرت الأسيرات إلى هذه الجداريات يشعرن أنهن ينتقلنإلى عالم آخر.
تقول أريج: "هدفت من رسمهذه الجداريات أن تعيش الأسيرات بأجواء من الحرية والفرح، وأن يشعرن بالأملوالاستبشار بغد جميل، وأنها تخرجهن من أجواء السجن القاتمة وتأخذهن إلى أجواء الوطنوخضرته وجماله، ثم إني أفرغ طاقتي بهذه الرسومات وأعبر عن ثقافة شعبي".
تفوق مع مرتبة الشرف
أما الأسيرة المحررة والصحفية فيروز مراحيل، اعتقلت وكانعمرها (19 سنة) في سنتها الجامعية الأولى، وصفت الأيام الأولى من الأسر بالصعبةوخاصة في موضوع التأقلم مع الأسيرات لتباين أعمارهن واختلاف مستواهن الثقافي، إلاانه سرعان ما تخف حدة ذلك بعد تعامل الأسيرة الجديدة مع زميلاتها وما تراه من حسنمعاملة منهن.
ورغم الاضطهاد والقمع الذي تتعرض له الأسيرات في مجال التعليم من قبلإدارة السجون، حرصن على التعلم والثقافة، فكان في السجن مكتبة عملت الأسيرات علىتكوينها رغم الصعوبات، وجعلن من وقتهن ساعات للقراءة، فكان هذا الوقت بالنسبةلفيروز متنفسًا يخرجها من أجواء السجن ونافذة تطل منها على العالم منحولها.
انعكست ثقافة السجن وتجاربه على مستوى فيروز الدراسي، فبعد أن كان معدلها قبلالاعتقال 74 ارتفع إلى 96 بعد الخروج من المعتقل، ونتيجة لتفوقها دخلت كلية الشرف،وهي لأوائل الطلبة، لتتخرج منها خلال سنة واحدة.
وحصلت فيروز على منحة تفوق منالجامعة للدراسة في بريطانيا، لكن الاحتلال منعها من السفر تقول: "من حقي أن أتعلمولن أتنازل عن هذا الحق، واجهت صعوبات كبيرة ونجحت، وسأظل مثابرة حتى أحصل على حقيفي إكمال دراستي".
التطريز و الأشغال اليدوية
أما الأسيرة لينا أحمد صالح جربوني معتقلة منذ 18 ـ 4 ـ 2002 ، تقضى حكمًابالسجن لمدة 17 عامًا وتعتبر من قادة الحركة النسائية الأسيرة كسرت قيودها بممارسة هواية التطريز وهي تقضي جل وقتها في الحياكة و رسم النقوش على القماش وتطريزها بأشكال فنية جميلة .
الأسيرة المحررة عطاف داود عليان من رامالله والتي أمضت في سجون الاحتلال 14 عامًا بأربعاعتقالات، وخاضت خلال اعتقالها ما يقارب من 20 إضرابًا مفتوحًا عن الطعام كانأكثره 40 يومًا متتاليًا،تم الإفراج عنها على أثرهبددت ظلام السجون بالأشغال اليدوية وقد شكلت خلال فترة أسرها عدد لا بأس به من الأشغال الخشبية و أعمال فنية أخرى بالحرز و التطريز.
أما لنان يوسف أبو غلمةمن سكان نابلس اعتادت على أن ترسلهاهدايا لأختها تغريد أبو غلمة من الأعمال اليدوية الخشبية حيث تقوم بالرسم على الخشب و تصميم الصناديق الخشبية المزينة بالرسم والنقوش والتي تعبر عن روح الحياة و الأمل ممزوجة بلوعة الحنين في السجون.
العديد من الأسيرات يمارسن هواياتهن في الأسر كنوع من التحدي والصمود و لكسر القيد المطبق عليهن، و قد ظهرت عدد من الأعمال اليدوية عن طريق الهدايا والرسائل التي يرسلها الأسيرات لأهاليهن من رسوم و أشغال يدوية تظهر حسهن الفني رغم الحزن والألم.
وقد كثرت هذه الأعمال خلال الفترة مابين 2000 وحتى 2007 أما بعد تولي "الشاباص" إدارة السجون فقد اختفت وتلاشت نوعاً ما نظراً لما تعانيه الأسيرات من تشديد ومنع لتلك الأنشطة من الاستمرار داخلالسجون.