الشيخ المجاهد عز الدين القسام بعيون حفيدته
تاريخ النشر : 21/11/2010 - 01:59 ص
حوار: سمية وهبة – طرابلس
عرفته سهول فلسطين أسداً هصورا ومقاتلا عنيدا كما عرفته روابي الشام، لجأ ليعبد ليقود ثورته من هناك، فالتف حوله أبطال فلسطين، يذودون عن حمى الوطن حتى قضوا شهداء، بقيت رسالته حية بعد استشهاده حين أطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس اسمه على جناحها العسكري، فخلده أبطالها بعملياتهم الفذة التي أرهقت دولة الكيان، واليوم ونحن نشهد ذكرى رحيله، نلقي الضوء على أسرة الشيخ الشهيد من خلال هذا اللقاء الخاص مع حفيدته الدكتورة ابتهال محمد القسام.
1- من هي ابتهال محمد القسام؟
أنا ابتهال محمد عز الدين القسام، طبيبة اختصاصية في الطبّ المخبريّ ، وُلِدتُ في مدينة جبلة في سوريا عام 1971م، وتزوجت في لبنان منذ تسع سنوات ولي ولد وحيد اسمه عبد الرحمن وعمره الآن يقارب الـ 8 سنوات، وأعيش حاليا بمدينة طرابلس في لبنان، والتحقت مؤخرا بالعمل الإعلامي في فضائية القدس.
2- حدثينا عن الشجرة القسامية، أين امتدت فروعها الآن ؟
عائلة القسام مكوّنة من الزوجة أمينة نعنوع وأولادهالأربعة: ميمنة وخديجة وعائشة ومحمد الذين بقوا في حيفا بعد استشهاد والدهم، وتزوجت البنات الثلاث منفلسطينيين، وعندما بلغ محمد من العمر 20 عاماً ذهب إلى طولكرم مع والدته للعمل فيشركة زراعية للبذور (لكسب لقمة العيش)، وفي سنة 1948 هاجروا مع من هاجر من الفلسطينيين، فذهبواإلى الأردن، حيث بقي محمد مع والدته عدّة أشهر هناك، ثم انتقل إلى جبلة مسقط رأس والده القسامفي سورية.
أما الابنة الكبرى عائشة فقد استقرت في دمشق، وبقيت ميمنةوخديجة في الأردن وكان لعائشة ثلاث أولاد (قاسم، صلاح، وليد) وأربع بنات (نسيبة،هدى، سعاد وهناء)،ولخديجة سبع أولاد، ولميمنة أربعة .
أماوالدي محمد رحمه الله تعالى فقد وافته المنية بسبب فشل كلوي عام1991م عن عمر يناهز الـ 67 عاماً،وتوفّيت كذلك عمّاتي الثلاث في أعمار متقاربة رحمهم الله تعالى جميعاً وأدخلهمفسيح جنانه.
كل أفراد العائلة حملوا الهويّة الفلسطينيّة، وسأذكر هنا أنهعُرِضَ على والدي رحمه الله تعالى أن يغيّر الجنسيّة عندما كان في سورية فرفض وقال: أنا فلسطيني وسأتمسّك بجنسيّتي "
أما بالنسبة لتوزيعالعائلة عائلة الابن محمد، فأناوأختي إيمان تزوجنا في لبنان، ولي أخ في فلسطين الآن، ولي أخ في المجر وأخَوان فيسورية وأختي الصغرى أمجاد في سورية أيضاً مع والدتي حماها الله تعالى.
3- ما هو شعورك بأنك حفيدة لهذا الشيخ المجاهد الذي ملأ ذكره الآفاق؟
شعوري يحمل نقيضين غريبين .. فكما ينتابني الفخار لهذا النسب العظيم فكذا ينتابني الخجل لأنني لا أضاهيه ولو قليلاً بكل صفاته .. وذلك يولِّد عندي إحساساً دائماً بالتقصير والشعور بعِظم المهام المترتّبة على عاتقي .. لأنني يجب أن أكون القدوة والمثل الأعلى ليُحتذى به في المجتمع .. ونسأل الله تعالى العون والثبات لأسلك نفس الدرب.
4- ما شعوركم عندما سمعتم أن حماس أسست جناحها العسكري و أسمتهكتائب الشهيد عز الدينالقسام؟ و ما هو شعوركم الآنو كتائب الشهيد عز الدينالقسامدائما في صدارة العملالجهادي و الاستشهادي في فلسطين من حيث الابداع في صناعة السلاح و الصواريخ و إحداثالخسائر الفادحة في صفوف العدو الصهيوني ؟
شعوري أنني أيقنت بصدق هؤلاء، وأيقنت بصدقالنهج الذي سار عليه الشهيدالقساملأنه نهج القرآنوالسنّة المطهّرين، وأيقنت أن شعب فلسطين الحبيبة لا يزال وفياً لهذا القائد الصادقالمخلِص، وشعرت مجدداً بأن مسؤوليتي عظيمة، فأين أنا وبقية الأحفاد بالقربى منالأحفاد الحقيقيين للقسّام؟!!
إنني عندما أرى هذه النماذج الحيّة من الكتائب وهيتدكّ فلول المعتدين وتبدع في صناعة السلاح والصواريخ وتلحق الخسائر الفادحة بالعدوالصهيوني أشعر بالفخر والاعتزاز وأتمنى لو كنت معهم لعلّي ألقاهم وألقى جدي في جنانالخلد .. وأشعر بأنّ رايات النصر تلوح في الأفق .. وليس ذلك على الله بعزيز ..
فلو كتب في الشيخ آلاف القصائد و أنشدت آلاف الأناشيد ورفعت ملايين الصورالتي تحمل
صور الشيخالقسامو لو سميت مدن وشوارع باسمه هل يساوي ذلك الوفاء لرسالةالقساممن مجاهد يقتحم خطوط العدو فيقتل العشرات و يجرحالمئات و يرعب الآلاف و يغيظ ملايين الصهاينة و الطغاة، فالمجاهدين الذين يقتحمون خطوطالعدو فيقْتلون ويُقتلون هم الأشد وفاءً للشهيد القسّام من الذين يرفعون صورهويسمّون باسمه الشوارع والمدن! ولا ننسى أن هؤلاء يجسّدون نهجه وفكره وليس شخصه .. فهم طُلاب شهادة وهم قادة الدنيا! وهم جنود الحق وهم القسّاميون المخلصون لاللقسام !! بل لربّ الأرباب وخالِق الخلقِ سبحانه وتعالى، ولكن يجدون فيالقسامقدوةً يحتذون حذوها ونوراً يضيء لهم طريق الشهادةوالخلود ..
5- حسب ما عرفتِ عن جدك القسام، برأيك هل كان الشهيد عز الدين يتوقع في يوم من الأيام أن يكون له هذا الصيت وهذا الجناح العسكري الذي قضّ مضاجع أعتى قوة في العالم ؟
لا أظنّ أن الشهيد القسّام كان يتوقّع أن يكون له هذا الصيت وهذا الجناح العسكري الذي قضّ مضاجع الصهاينة، ربّما لأنّ همّه كان منصبّاً على الجهاد والاستشهاد، كانت روحه معلّقة بالجنّة ونعيمها وكانت دماؤه تتشوّق لرضوانٍ من الله سبحانه، فلم يكن يأبه لصيت أو ذكرٍ يسود بعد استشهاده، وكانت فلسطين والأقصى القِبلة التي كانت أنظاره معلّقة بهما.
6- هل كان للشيخ القسام اهتمامات أخرى غير الجهاد؟
عُرِف عن الشيخ القسّام اهتماماته الدينيّة الفقهيّة (لأنّه تخرّج من الأزهر الشريف في مصر خلال ثمانية أعوام) وله بعض المؤلّفات في ذلك .
وأظنّ أن اهتماماته في تطبيق ما تعلّمه وتشرّبه طغى على أيّ اهتمامات أُخرى لأن الجهاد والاستشهاد كان هو الهمّ الأول والأخير عند الشهيد القسام رحمه الله تعالى .. وفاءً لفلسطين والقدس، ولذا ما يمكن قوله بعد دراسة تفصيليّة عن حياة القسّام أنه كان قائداً سياسياً وميدانياً تميّز بفكرٍ متّقِد وبصيرةٍ نافذة .. وصدقٍ وإخلاص نادرَين .. وكان كثير العمل قليل الكلام ولم يكن يخشى في الله لومة لائم.
7-هل لك أن تسلطي الضوء على صفات أو مواقف له أثرت بك كثيرا؟
من المواقف التي أثّرت بي من حياة الشهيد القسام والتي قرأتها عنه أو سمعتها من والدتي وجدتي رحمهما الله:
* في إحدى خطبه كان يهدر على المنبر قائلا: " رأيت شباناً يحملون فرشاة لمسح أحذية الأجانب، هؤلاء مدعوّون لحمل المسدسات لقتل هؤلاء الأجانب "
* وكان يقترب من الفقراء ويجالسهم ويلبّي دعواتهم، ويُروى أنّ أحدهم سأل عن القسّام فلم يجده لا في المنزل ولا في المسجد فدلّه أحد المارة على مكانه، فوجده يتناول طعام الإفطار عند قيّم الحمّام العام، حيث الأخشاب والدخان، حيث عامل الحمّام دعاه الى تناول الإفطار معه فلبّى دعوته، ولذلك كان محبوباً من قِبَل العمّال والفلاحين الذين كانوا يتسابقون لحضور دروسه ومواعظه.
8- قرأنا ان الشيخ المجاهدالقسامنسَّق مع شخصيات وطنية سورية وعربية حين قرر خوض جهاده على أرض فلسطين, فهل لديكفكرة عن بعض أسماء هذه الشخصيات ؟هل علمت شيئا عن طبيعة علاقته بالشيخالحسيني وهل اتصل به ؟
الشخصيات الوطنية السوريّة التي رافقته ونسّق معها كان الشيخمحمد الحنفي رحمه الله تعالى والذين رافقوه: الشيخ أحمد إدريس، والحاج علي عبيد،وخالد الصالح، وظافر القسّام، وعبد المالك القسّام، ونسّقوا معه لفترة محدودةومنهم من عاد قبل استشهاده إلى سورية ومنهم من عاد بعد استشهاده إليها، ومن مصرمحمد عبده.
طبيعة علاقته بالشيخ الحسيني غامضة ومختلف عليها من قِبَلالمؤرّخين، ولكن الأكيد أن الوظائف التي كانت للقسّام، ليست من تعيين الحسينيالذي كان رئيساً للأوقاف الإسلامية، ثم أصبح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بمباركةالمندوب السامي " هربرت صموئيل" ..
ولكنّ القسّام فُضّل لمكانته بالعلم الغزيروالإخلاص في العمل وكثرة الاختلاط بالفقراء والمساكين والعمّال والفلاّحين،والقسّام اتّخذ الإسلام كلّه منهجاً وركّز على فرض الجهاد لمحاربة الانجليز وصرّحبذلك، بينما كان الحسيني حريصاً على ألاّ يغضب الانجليز حفاظاً على مناصبه، ولا أظنّ أنّ اتصالا حصل بينهما، لأن أيّ اتصال للقسّام مع أحد يجبأن يكون يصبّ في بوتقة الجهاد لنصرة فلسطين .
9- اذا كنت قد سافرت و تنقلت في بعض البلاد العربية والأجنبية فهل واجهت أي مشكلة تتعلق باسمك((القسام(( ؟
خلال سفري لم أواجه أيمشكلة حقيقيّة بسبب اسمي ولكني أذكر مرّة عندما كنت أسعى لفيزا لأوروبا سألت الموظفةبالسفارة عن علاقتي بالقسّام فأجبتها بكل فخر بأنني حفيدته وهل هناك مشكلة؟ وبعدمشاورات اعتَذَرَت وأعطت الفيزا ولكن سبحان الله لم يُقدَّر لي الذهاب، وهناك الكثير ممّن يعبّر عن اهتمامه وتقديره لهذا الاسم.
10- من المؤكد أن والدك حدثك الكثير عن أبيه هل تحفظ ذاكرتك بعضاً من هذه الذكريات ؟
حدثني والدي مرة عن أحد المواقف التي عاشها مع أبيه: أنه في أحد الأيام أرسل القسّام والدي محمد رحمهالله - وكان عمره يناهز الخمس سنوات - لإحضار بعض المستلزمات ليلاً من مكان بعيد فيحيفا واعترضت جدتي خوفاً عليه ولكن القسّام صمّم وبعثه قائلاً لها: يجب أن يتعلّمالجرأة والرجولة، كما كان قليل التواجد في المنزل بسبب انشغاله المتواصلفي الإعداد لثورة تعمّ كل فلسطين،وكان قليل الكلام وفي نفس الوقت كان يتمتّعبروح مرحة مع من حوله، وكان حنوناً على أهل بيته.
11- أنت ناشطة في هيئة نصرة الأقصى في لبنان, هل تعتبرين هذا الدورامتدادا لوصية جدك رحمه الله ؟
بالطبع هو امتدادلوصيةالقسامرحمه الله تعالى .. ولكن بالدرجة الأولىهو امتداد لواجبي الشرعي تجاه المقدّسات السليبة ..
12- هناك عدة مسلسلات تعرضتلحياةالقسام، هل استطاعت هذه المسلسلات تجسيدالواقع الحقيقي لحياةالقسامأم كانت من خيال الكاتبفقط ، وما نظرتكم لهذه المسلسلات ؟
استطاعت هذه المسلسلات تجسيد الواقع الحقيقي بما يقارب الـ 60% وهيجيدة وربّما حاولت نقل الصورة وهي تُشكَر على كلّ حال
الأربعاء 20 مارس 2013 - 7:18 من طرف جمال اشطيبة
موضوع: الشيخ المجاهد عز الدين القسام بعيون حفيدته 
