جمال اشطيبة
عدد المساهمات : 43 تاريخ التسجيل : 13/04/2011 العمر : 48 الموقع : chtaiba_jamal.maktoobblog.com
| موضوع: فن الإنصات الجمعة 26 أكتوبر 2012 - 10:07 | |
| روى أصحاب التاريخ والسير أن عتبة بن أبي ربيعة أحد سادة قريش-وكان سيداً ذا بصيرةٍ ورأيٍ في قومه- قام ذات يوم في نادي قريش قائلا: يا معشر قريش! ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا، لعله يقبل بعضها، فنعطيه أيها شاء، ويَكُف عنا؟ فقالوا: بلى يا أبا الوليد! قم إليه فكلمه. فجاء عتبة، حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا ابن أخي، إنك منّا حيث قد علمت من الشرف، والعشيرة والمكانة في النسب..."لأول مرة سنجد أن قريشا تتعامل مع الرسول بهذا الأدب الجم، كنا نسمع قبل هذه الحادثة فقط الإهانة والشتم، والتهديد، لكن يظهر أن قريشا تعبت من ذلك وملَّت منه، خصوصا بعدما أسلم عدد من وُجهاء القوم عندهم. يتابع عتبة قائلا: "وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم؛ مزّقت به جماعتهم، وسفّهت به أحلامهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا، تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها..." اللــه! كلام جميل، ومؤدب، فيه نوع من التفاهم، والاستعداد لتبادل الرأي. فقال له رسول الله - صـلى الله عليه وسلم - : "قل يا أبا الوليد - أسمع". أي أنا كلِّي آذان صاغية، بلغة العصر. قال:"يا ابن أخي: إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً، جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالاً. وإن كنت تريد به شرفًا(أي أن تكون سيدا) سَوَّدناك علينا، حتى لا نقطع أمرًا دونك. وإن كنت تريد مُلكًا، ملَّكناك علينا. وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا(مس من جن) تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه".وهو كلام مسموم، ظاهره الأدب والاحترام في مخاطبة الرسول الكريم، و باطنه الاتهام بأفحش التهم لنبي مرسل؛ فهو-حسب عتبة- إما شخص مُدّعي كذاب، هدفه جمع الأموال بأي وسيلة وبأية طريقة، وطلب الرياسة، والملك والشهوة، أو أنه أحمق مجنون، يُستدعى له العرافون والكهنة ليروا رأيهم فيه.كل هذه التهم الخطيرة والحقيرة، والنبي الأمين صامت ساكت، لم ينطق ببنت شفة، بل بقي مصغيا صابرا على ما يسمعه من البهتان في حق شخصه الكريم، أكثر من ذلك طلب من محاوره أن يكمل حديثه، وأن "لا يستحي" مما يقول! وأن يذكر إن كان قد نسي شيئا، قائلا له في أدب جم، وخلق رفيع:" أفرغت يا أبا الوليد؟ والعجيب في هذه القصة أن النبي الكريم لم ينشغل بتلكم الاتهامات الخبيثة الموجهة إليه، ولم يرد عليها، وإنما اكتفى بتلاوة بعض الآيات الكريمة على مخاطبه. لكن القصة لم تنته هنا، فقد عاد عتبة إلى أصحابه متأثرا بموقف النبي معه، وبما سمعه منه، حتى قال القوم: لقد جاءكم الرجل بغير الوجه الذي ذهب به.هكذا يفعل فن الانصات في المخالف، وهكذا يتم كسب وده، وإقناعه والاستيلاء عليه، بعيدا عن الردود و نفسية الانتصار العقيمة، عديمة الجدوى... عتبة بن أبي ربيعة لما عاد ماذا قال لقومه؟"يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم. قالوا:سحرك محمد!! فعلا إن لهذا الفن آثار السحر على المحاور، حتى إن الإنسان ليتعجب من ذلك!! شيء لا يصدق!! حيث إنك لتجد المخالف يجتهد في إيجاد الأعذار لك، والدفاع عنك... الإنصات هو مهارة الحياة التي وددت لو تعلمتها منذ زمان بعيد...!! | |
|
زهرة الاسلام سارة
عدد المساهمات : 80 تاريخ التسجيل : 25/04/2011 العمر : 29 الموقع : زايو
| موضوع: رد: فن الإنصات الثلاثاء 13 نوفمبر 2012 - 15:17 | |
| الإنصات هو مهارة الحياة التي وددت لو تعلمتها منذ زمان بعيد...!! صدقت اخي الكريم جزاك الله خير الجزاء | |
|